احمد غازي …. من بائع أحذية إلى مطور مبدع ومؤثر جريء
احمد غازي …. من بائع أحذية إلى مطور مبدع ومؤثر جريء
يلجأ العديد من صناع المحتوى في العالم العربي إلى الطريق المختصر من أجل تحقيق الشهرة وآلاف المشتركين والمتابعين، ولكن قلة نادرة تحاول الوصول إلى القمة من خلال التأثير الهادف، ومعالجة القضايا المثيرة للجدل، والتي تعتبر “التابوهات” بالنسبة لأغلبية صناع المحتوى، وبين كل هذا، يظهر الشاب اليمني “أحمد غازي” صاحب الـ32 ربيعا، ليرفع على أكتافه مسؤولية تسليط الضوء على مواضيع جريئة ومؤثرة، على غرار جرائم الاعتداء على القاصرات، وجرائم الاغتصاب وتعنيف المرأة، وكل هذا جعله عملة نادرة استطاع الوصول إلى قلوب أكثر من 100 متابع على منصات التواصل، وتخطت مقاطعه الـ500 ألف مشاهدة، وفي كل مرة يؤكد علو كعبه وإبداعه الاستثنائي.
ثورة ضد عصابات الاغتصاب
لم يعرف “أحمد غازي” سوى الجرأة في محتواه، واعتمد على ذلك لكشف إحدى أكبر عصابات اغتصاب الفتيات في مدينة الحديدة وفق محاضر رسمية، وحقق كشفه للعصابة تفاعلا كبيرا، وخلق ضجة وأيقظ الرأي العام للوقوف ضد العصابات، وضرورة قيام السلطات بواجبها تجاه المعتدين، وأدى تفاعله وإثارته لقضية الاعتداء على الطفل كرم من قبل خالته؛إلى تراجع والده عن التنازل عن القضية امام المحاكم.
تهديد ومحاولات بالاختراق …”احمد غازي” لا يتوقف
ولم يتوقف “أحمد” عند هذا الحد، حيث كشف واحدة من أخطر عصابات التسول الالكترونية ( عصابة غيلان) في اليمن وساهم في الالقاء القبض عليهم وتعرضت قناته لمحاولات اختراق متواصلة لإيقاف نشاطه ، لكنه تمكن من الصمود والاستمرار في رحلته الجريئة للقضاء على الفساد وكشف المجرمين، حيث انفرد بكشف قضية “عبدالرحمن الشجاع” المتهم بإغتصاب 92 ذكر، وكشف قضية الدولارات المجمدة التي بدأت تنتشر في اليمن وغيرها، بالإضافة إلى تفاعله مع القضايا المتداولة ومناقشتها بزوايا مختلفة.
البداية من بيع الأحذية
لم تكن حياة “احمد” مفروشة بالورود، حيث بدأ العمل في سن مبكرة، وتمكن من ادخار مبلغ من المصروف اليومي وهو في الثانية عشرة من عمره، ثم فتح مع أحد اصدقائه بسطة صغيرة كان يتقاسم معه الأرباح ، أما تجربة العمل الحقيقية بدأت وهو في الصف الثاني الإعدادي، حينها عمل في محل أحذية لمدة سنتين، وخرج بفكرة انشاء معمل لصناعة الاحذية في اليمن، وسافر إلى مصر وهو في الصف الثاني الثانوي لدعم مشروعه، ولكن للأسف لم تنجح فكرة المعمل، رغم أنه كان لديه خبرة في التصميم من خلال النشر في المنتديات الالكترونية.
جزائرية غيرت حلمه
كان “احمد غازي” يحلم أن يصبح قاضيا كوالدة، لكن تعرفه على فتاة من الجزائر اثناء تواجده في مصر، دفعه لتغيير مسار عمله وتفكيره، ونصحته أن يتجه للعمل عن طريق الإنترنت وتأسيس مكتب خاص به نظرا لقلة المصممين ، وبعد ذلك اخذ دورات في العمل على الانترنت وعاد لليمن وأكمل المرحلة الثانوية وافتتح مكتبه الخاص في الحديدة داتا اون لاين لتقنية المعلومات عام 2008 بعدها حصل على بكالوريوس اعلام من جامعة الحديدة، وبدأ أحمد العمل، وصمم ما يزيد عن 200 موقع الكتروني منذ بداية دخوله عالم الانترنت،
ويعد من اوائل الذين أسسوا مشاريع على الإنترنت في اليمن عموما وفي الحديدة خصوصا، مثل مشروع داتا SMS وهي خدمة للتسويق عبر الرسائل النصية لجمهور محدد من المجتمع، وقدم خدماته لعدد من العملاء خارج وداخل اليمن، كما أسس موقع” اليمن أولا” وكان من اوائل المواقع الاخبارية بالحديدة في 2008 ، وتسبب له الموقع بمشاكل لدى جهاز الأمن السياسي اليمني حينها، كما أطلق أيضا “الموقع الشامل” الذي يهدف من خلاله الى تسهيل عملية انشاء المواقع الالكترونية حيث يستطيع أي شخص من تصميم موقعه في أقل من 5 دقائق من خلال اتباع اجراءات بسيطة لا تحتاج الى اي خبرة في مجال البرمجة.
رؤية المستقبل
وفي عام 2009 أسس مشروع المدرسة العصرية الذي يهدف الى تطوير العملية التعليمية في اليمن من خلال ربط التعليم مباشرة بالانترنت، والاعتماد على التكنولوجيا في المجالات التعليمية التي تساعد على التعليم من منزل ومتابعة أولياء الأمور لمستوى أبنائهم التعليمي من خلال الموقع، وهو ما يعكس نظرته المستقبلية حيث أصبح التعليم عن بعد هو موضة الدول الكبرى للقضاء على وباء كورونا.
هذا وقام أحمد بإنشاء العديد من المواقع منها “مسلم بوك”، وموقع “وطن اون لاين” الذي يعتبر أول موقع تدربي لطلاب قسم الاعلام بجامعة الحديدة وغيرها من المواقع.
احمد غازي في مواجهة العقبات…والحرب
ألقت الحرب في اليمن التي بدأت منذ أحداث 2011 بظلالها على “أحمد” الذي اضطر لإغلاق مكتبه، لكنه لم يستسلم وأسس مكتبا جديدا في 2013، وجاءت الحرب في 2015 ، وتوقف لأكثر من عام وبعد ذلك عاود العمل مجددا، وفي عام 2018 أغلق مكتبه وقرر الرحيل إلى العاصمة المصرية القاهرة، حيث لم يكن يخطر بباله انه سيغادر الحديدة، لكن الحرب، وضعف الإنترنت في اليمن خصوصا وأن عمله مرتبط بها دفعه للنزوح إلى القاهرة واعاد افتتاح مكتبه “داتا أون لاين لتقنية المعلومات” حيث واصل ممارسة شغفه، كما أن قناته تناقش أيضا مواضيع النصب والاحتيال الإلكتروني، ويقدم نصائح تقنية في قالب بسيط ومفهوم للجميع.
الوجه الإنساني والخيري
ينشط أحمد غازي في مجال المبادرات الانسانية، حيث أطلق حملة “تحدي الخير” على منصات التواصل الاجتماعي وتهدف إلى توزيع ما بين 100 إلى 1000 ألف سلة غذائية للنازحين في مخيمات الحديدة، وأعلن تبرعه بأرباح شهر مارس المنصرم من اليوتيوب لصالح حملته التي تعمل على جمع مبالغ مالية من المتابعين.
كما أطلق مبادرة “ادعموهم” وتهدف إلى مساعدة أصحاب المشاريع الصغيرة والباعة المتجولين، من خلال التعريف بهم وبمشاريعهم والترويج لها عبر صفحات منصات التواصل الاجتماعي، خصوصا وأن أغلب اصحاب هذه المشاريع إما موظفين بلا رواتب او اشخاص يعولوا اسره.
احمد غازي : “لدى رسالة ملهمة لإيصالها إلى الناس”
يعبر احمد غازي عن طموحاته وأفكاره بالقول “أصنع المحتوى لأن لدي رسالة أحب ايصالها للناس، خصوصا وأن هناك حملة ممنهجة من قبل البعض تلعب على عواطف الناس وتغير القضايا عن مسارها وتشغلهم بمواضيع تافهة ، تاركين القضايا المهمة التي تحتاج للطرح.
ويضيف “أعمل في الاعلام الرقمي، لان هذا مجال تخصصي وعملي وأحب ان اتكلم فيه وأوصل رسالتي، وقاعدة المتابعين في مواقع التواصل الاجتماعي تدفعني للاهتمام بصنع المحتوى”
ويركز احمد على جعل اليوتيوب بالنسبة له هواية وليس عملا وإنما شيئا اضافيا او ثانويا، ولكن قد يكون اليوتيوب مستقبلا من مصادر دخله الأساسية، حيث يستهدف من خلال محتواه فئة الشباب ويحاول توسيع مداركهم لمواجهة الحملات الموجهة التي تشغلهم بالأمور الصغيرة، ولا يهتم بعدد المشاهدات بقدر ما يهتم بجودة الفيديو والرسالة التي يرغب في إيصالها.
5 تعليقات